ظل اسم الطفلة الإنجليزية لويز براون والمولودة 1977 متفرداً كأشهر اسم فى عالم علاج العقم، كأول طفلة أنابيب فى العالم، وبعدها انضم إلى الطابور مئات الآلاف ممن منحهم العلم سبباً للوجود، ولكن سطع اسم آخر سينافس لويز وهو الطفل السويدى «فنسنت» أول طفل مولود من رحم مزروع، نشرت حالته فى مجلة لانسيت العلمية فى 3 أكتوبر الماضى واستقبله المجتمع الطبى بفرحة عارمة فقد كاد اليأس يصيب الأطباء بعد أن فشلت محاولات زرع الرحم فى أمريكا وبلجيكا والصين والسعودية، حتى جاء هذا الانتصار العلمى فاطمأن العلماء على أنه أخيراً ظهر حل للسيدات المحبطات من غياب الرحم الخلقى أو المستأصل بعد السرطان أو الذى فقد وظيفته بعد عمليات كحت جائرة متكررة، القصة مثيرة اختلطت فيها صرامة العلم بدفء العاطفة، فها هى السيدة السويدية التى بلغ عمرها 36 عاماً والتى ولدت بمرض Rokitansky syndrome وهو مرض تولد فيه البنت بدون رحم مع بقاء المبيضين يؤديان وظيفتهما الهرمونية بكفاءة، وبالطبع كان حملها مستحيلاً وظل فى دائرة الأحلام المكتوب عليها ألا تتحقق، لكن العلم لا يعرف المستحيل ودائماً يبث الأمل فى النفوس، وافقت السيدة على الدخول فى تجربة زرع الرحم تحت إشراف بروفيسور برانستورم بجامعة جوتنبرج، الرحم لا بد أن يكون من مانحة توقفت عندها الدورة الشهرية، تطوعت الأم ولكن بعد التحاليل والفحوصات تم استبعادها إلى أن تطوعت صديقة للعائلة عمرها 61 عاماً ولديها طفلان وقالت خذوا رحمى وامنحوا صديقتى الأمل والبهجة، كان د. برانستورم وفريقه لمدة عشر سنوات فى سباق مع الزمن لتحقيق هذا الأمل، كانوا فى المعمل مع حيوانات التجارب يواصلون الليل بالنهار متمنين أن يجففوا دموع سيدات يحلمن بالأمومة ولا يستطعن تحقيق هذا الحلم فيعشن فى كابوس مزمن، إلى أن تحقق الأمل بل المفاجأة أن تسع سيدات ينتظرن نفس النتيجة، منهن اثنتان ستلدان فى نهاية هذا العام إن شاء الله، المدهش أن كل هذه الأبحاث تحت رعاية مؤسسة سويدية هى Jane and Dan Olsson Foundation for Science فهى التى تكفلت بكل المصاريف من أجل تقدم الأبحاث العلمية فى السويد، بالطبع واجه فريق البحث مشاكل كثيرة أولها تجميد 11 جنيناً قبل البدء فى إجراءات الزرع ثم انتظار الدورة الشهرية التى حدثت بعد 43 يوماً من الانتظار والترقب، ومنها كيفية التوفيق ما بين عدم طرد الرحم المزروع من خلال إعطاء ثلاثى أدوية مثبطات المناعة tacrolimus، azathioprine، and corticosteroids وفى الوقت نفسه الحفاظ على حياة الجنين من تأثير تلك الأدوية، كانت المفاجأة أيضاً التى أربكت الفريق هى تسمم الحمل الذى حدث للأم فى الأسبوع 32 والذى أثر على ضربات قلب الجنين وحالته العامة فقرروا إجراء القيصرية فوراً ووضع الطفل تحت الملاحظة فى الحضانة عشرة أيام، كان مشهد احتفال الأم الروحية وطفليها مع الأم الحقيقية وفنسنت مشهداً رائعاً اجتمعت فيه دقة العلم وطموحه إلى جانب رومانسية الحب ودفء التعاطف وحميمية الود.